logo


أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في منتدى ميكس آر تي | Mixrt، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .


  1. منتدى ميكس آر تي | Mixrt
  2. الأقسام العامة
  3. القصص و الروايات
  4. رواية السماء تشهد أيها الماجن




look/images/icons/i1.gif رواية السماء تشهد أيها الماجن
  09-01-2022 11:31 مساءً   [10]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية السماء تشهد أيها الماجن للكاتبة رضوى جاويش الفصل الحادي عشر

هبطت تلك الطائرة الخاصة اخيرا بموضع هبوطها بأحد المطارات ليهبط منها ادم تتبعه حياة، كان كل منهما لايصدق انه نجا وعاد للحياة المدنية من جديد، كانت تتطلع حولها في اضطراب لكن هو لم يكن يتطلع الا الى الفرصة الضائعة التي ذهبت مع الريح ما ان صرخت وهو على اعتاب جنتها تلوح كالمجنونة لتلك الطائرة التي ظهرت بالسماء من العدم والتي كانت مكلفة للبحث عنهما..

تمنى لو يعرف من أرسل تلك الطائرة وفى هذا التوقيت بالذات حتى يقتص منه بأبشع الطرق المتعارف عليها والمجهولة على حد سواء..
هبطوا جميعا ليجدوا عدة سيارات في انتظارهما، من هؤلاء!؟، تساءل في نفسه وجاءت الإجابة على لسان ذاك الرجل الذي ترجل من داخل احدى السيارات هاتفا في ترحاب بدا مصطنع له: - حمد لله على سلامتك يا حياة، كم ستسعد عودتك جدك المسكين..
هتفت حياة في لهفة: - هل جدي بخير!؟.

تنهد هاتفا في حزن خيل لأدم انه لا يحمل اى لمحة حزن حقيقية: - سيكون بخير ما ان يراكِ ويتأكد ان طفلته الغالية بافضل حال.
واخيرا، وكأنما انتبه مهنى لوجود ادم فهتف متسائلا: - من هذا!؟.
كادت ان تجيب حياة الا ان ادم هتف مؤكدا في ثقة: - انا زوجها...

تطلعت اليه حياة وكذا مهنى الذي نقل ناظريه الي حياة متسائلا الا ان ادم هتف به في حنق: - لا اعتقد ان الامر يحتاج الي تأكيد من قبلها، نعم انا زوجها، هل لديك مانع!؟.
هتف مهنى في برود: - على الاطلاق، ولما أمانع امرا خاصا كهذا!؟، هذا شأنها..
ثم اشار للعربة هاتفا: - تفضلا..
صعدا العربة فتطلعت حياة الى ادم هامسة في ضيق: - لما أخبرته بانك زوجي!؟، نحن..

قاطعها هامسا في حزم: - نحن ماذا!؟، نحن زوجان امام الله، هل تنكرين!؟.
همست باضطراب: - لكن، اقصد انه..
لم تجد ما يمكنها قوله فالأمر برمته لا يصدق فالتزمت الصمت حتى وصلا لبوابة تلك الفيلا العتيقة الأشبه بالقصور القديمة، تطلع ادم حوله في استحسان بينما انصبت نظراتها عليه وعلى ردة فعله تجاه تلك الفخامة التي يطالعها في كل شبر حوله..

توقفت السيارة امام باب الفيلا الداخلى والذي انفرج فجأة لتندفع من الداخل ابنة خالتها نهى لترتمي بأحضانها باكية ما ان طالعها محياها صارخة في سعادة ممزوجة بالدموع: - حياة، واخيرا انت هنا وعلى قيد الحياة، كاد ان يموت جدى حزنا عليكِ، لم نصدق ابدا انك رحلتي هكذا، أرسل عدة طائرات للبحث عنكِ واخيرا ها انت هنا، لكم افتقدتك!؟.
هتفت حياة باكية في شوق: - وانا افتقدتك كثيرا وأموت شوقا لرؤية جدي..

همت حياة بالاندفاع للداخل الا ان نهى همست متطلعة لآدم متسائلة في فضول: - من هذا حياة!؟.
تقدم ادم نحوهما في ثقة ما ان استشعر ان الكلام يدور حوله، مادا كفه للتحية هاتفا: - انا ادم عبدالخالق زوجها..
هتفت نهى في تعجب متطلعة لحياة: - زوجك!؟.
همست حياة باضطراب: - نعم، انه، هو..
مالت نهى نحو حياة غير مدركة لاضطرابها هامسة في عبث كعادتها: - انه رائع، لقد تحسن ذوقك كثيرا..

اطلقت حياة سبابا داخليا لمزاح ابنة عمتها والذي يأتي دوما في غير موضعه واندفعت باتجاه حجرة جدها الذي اشتاقته كثيرا ليلحق بها كل من نهى وآدم وكذا مهنى..

دفعت حياة باب الغرفة في لهفة لتجد جدها السعيد ممددا على فراشه حيث كان ينتظرها في لهفة تنبهت ممرضته التي لا تفارقه لتخرج من الغرفة تاركة حياة ومن تبعها والتي كانت تتطلع للجسد المسجي لجدها والذي وجدته لمرضه وتلك الأدوية التي يتناولها وكذا بحكم سنه قد أخذته سنة من نوم فغفا رغما عنه..
اقتربت حتى جلست على طرف الفراش في هدوء وانحنت هامسة بالقرب من أذنه: - جدي، انا حياة، انا هنا، لقد عدت..

وكأنما كانت كلماتها اشبه بكلمة السر، انفرجت عيناه في تؤدة متطلعا اليها في عدم تصديق هامسا في سعادة: - حياة!؟، هل هذا انتِ حقا ام انني أهذي!؟.
مدت كفها تتلقى كفه بين كفيها هامسة والدموع تنساب على خديها: - نعم انا حياة يا جدي، اطمئن انا بخير..
فتح العجوز ذراعيه لها لتندفع على صدره تبكى في اشتياق لدفء احضانه التي افتقدتها كثيرا..

تطلع العجوز للأشخاص الذي ظهروا لتوهم في مجال رؤيته ووقعت عيناه على نهى ابنة ابنته الراحلة وكذا مهنى محاميه ومدير أعماله، واخيرا ذاك الشاب المجهول الذي كان يقف بثبات..
همس متسائلا وهو يشير برأسه لآدم الذي كان يبدو في ملابسه المهترئة من جراء استخدامها طوال مكوثه بالجزيرة وكذا لحيته الذي استطالت اشبه بأحد قطاع الطرق: - من هذا حياة..!؟.

رفعت رأسها عن صدره ومسكت دموعها في اضطراب ولم تجب ليهتف ادم للمرة الثالثة على نفس السؤال الذي لم يجب غيره منذ عودته: - انا زوجها سيدي..
اعاد السعيد ناظريه ليقعا على حياة هاتفا في سخرية لا يمكن إغفالها: - وغد اخر تضيفينه للقائمة، ألم تكتفِ يا حياة!؟.
أشاحت بناظريها بعيدا في حرج ولم تجب بينما انفجرادم مقهقها مع تعجب الجميع وهتف في أريحية شديدة: - وهذا لقب جديد اخراضيفه انا ايضا للقائمة..

تجاهل السعيد مزاحه متسائلا: - متى حدث الزواج!؟.
كادت ان تهتف حياة بحقيقة زواجهما الا ان ادم كان الأسرع كالعادة هاتفا: - كان زواجا عرفيا لكن ضاعت الاوراق في الحادث، و..
قاطعه السعيد باشارة من كفه وتطلع للجميع مشيرا للخارج امرا: - كلكم بالخارج..
واكد مشيرا لآدم الذي هم بتنفيذ الامر مثلهم: - الا انت، فلتبق..

كانت حياة تعتقد انها ستبقى بدورها الا ان جدها ربت على كفها هامسا: - وانتِ ايضا يا حياة، اتركيني لحالي مع هذا الادم..
اطاعت حياة دون رغبة منها تاركة جدها مع ادم وحيدا لكنها ازعنت للامر وخرجت مغلقة الباب خلفها..
مر بعض الوقت والكل بالخارج في انتظار أمر جدها للعودة مرة اخرى لداخل الغرفة التي اخيرا انفرج بابها ليشير لهم ادم بالدخول من جديد..

ما ان تراصوا جميعا امام جدها حتى هتف امرا مهنى: - اذهب واحضر مأذون لعقد قران حياة على ادم، هيا..
واشار لنهى امرا: - وانتِ اكدي على الخدم تحضير الغرفة الرئيسية من اجل حياة وزوجها..
هتفت حياة في اعتراض: - لكن يا جدي، انا..
هتف جدها في حزم: - انتِ ماذا!؟، الم تتزوجا وكنتِ بمفردك وحيدة معه على جزيرة خالية من البشر لمدة أسابيع..!؟.

اومأت دون اجابة لانها لا تعلم من الأساس بما تجيبه ليستطرد جدها: - اذن لا محالة من اشهار زواجكما..
ابتلعت لسانها وما عاد يمكنها الأعتراض على ما اقره جدها ليستكمل اوامره ونواهيه هاتفا: - هيا اذهبي لتتحضري لعقد قرانك..

وأشار لآدم هاتفا بلهجة صارمة: - وانت، اخبر مهنى اين يمكنه الذهاب ليحضر هويتك الشخصية لعقد القران ولتبق هنا حتى يمكنك الحصول على زي مناسب من خزانة ملابس ولدي باهي والد حياة، فقد كان يماثلك تقريبا في الطول والبنية، رحمه الله..
أطاع ادم دون ان ينبس بكلمة بينما تحرك الجميع مغادرين الغرفة ماعداه وقد شعر ان حلمه الضائع في امتلاك حياة البارحة قد عاد ملك يديه من جديد..

تم عقد القران في هدوء داخل غرفة الجد ولم تطلق الخادمة الا بعض الزغاريد على استحياء اعلانا لإتمام العقد..
انسحب مهنى بالمأذون راحلا وكذا نهى الى حجرتها بينما ظلت حياة تقف على استحياء لا تدري ما عليها فعله ليهتف جدها بها امرا: - هيا، اذهبي بزوجك لحجرتكما، زواج مبارك..

واشار لآدم هاتفا بلهجة صارمة: - وانت، اياك وغضبي، فلو شعرت بانك قد اساءت بأي شكل لحفيدتي الغالية، صدقا لن ارحمك، لايغرنك وهني فانا قادر تماما على ذلك..
اومأ ادم برأسه متفهما ولم ينبس بحرف ليشير لهما الجد بالرحيل..
تحركا في اتجاه غرفتهما، كانت حياة تسير بأرجل متخشبة باتجاه الحجرة الذي تم اعدادها لتشاركها مع ذاك الذي اصبح قدرها مؤخرا واصبح زوجها منذ دقائق بزواج رسمي حقيقي..

فتحت الباب ودلفت للداخل تاركة اياه خارجه ولم تدعه للدخول، ابتسم هاتفا وهو يدخل ورائها ويغلق الباب خلفه: - اخيرا..
انتفضت هاتفة متطلعة اليه في صرامة: - اخيرا ماذا..!؟.
اقترب منها فاعتقدت انه في سبيله لممارسة حيله الماجنة الا انه تجاهلها تماما وألقى بجسده فوق الفراش دفعة واحدة هاتفا في سعادة: - اخيرا سأنام مرة اخرى على فراش وثير بعد ذاك الفراش من القش بكوخ الجزيرة..

على الرغم من الراحة التي اعترتها لمقصده الا انها وللعجب شعرت ببعض الغضب لتصريحه ذاك فهتفت في ضيق حاولت مداراته: - فلتنعم به على اتساعه، فانا..
انتفض مقتربا منها هامسا بمجون: - فانتِ ماذا!؟، كنتِ اكثر من راغبة البارحة ونحن نلق وعود الزواج وصيغته المقدسة..

همست تحاول السيطرة على ارتجاف صوتها: - كان ذلك البارحة، كانت هناك ضرورة، والان انتفت وما عاد زواجنا له اي هدف، وجدي لم يعقد قراننا الا لانك أخبرته اننا تزوجنا بالفعل وكذلك لانني بقيت معك فترة طويلة بالجزيرة وحيدة وانا امرأة ولها سمعتها، هذا يعني شيء واحد ان ذاك الزواج مجرد زواج مؤقت يمكن إنهائه بأي لحظة وفي الوقت المناسب لي..

هتف ناظرا بعمق عينيها هامسا في ثبات وبلهجة ساخرة كعادته: - اي كان يا حبيبة جدك، هذا زواج صحيح وانا لي الحق في كل ما يشمله العقد من مزايا، وانا لا أتنازل عن حقوقي ابدااا..
هتفت في حنق: - اي حقوق!؟، انا لن امنحك اي حق دون رغبتي وجدي قادر تماما على التفاهم معك في هذا الشأن، انا متاكدة ان بعض المال يمكن ان يحيد ناظريك عن حقوقك المزعومة، أليس كذلك..!؟

كانت تعتقد انه سيثور لكرامته اوحتى يغضب لما ترميه به من تهم ليس لها ادلة لكنه على العكس تنهد في حيرة مهمهما: - هذا العرض يحتاج لذهن صافِ للتفكير لكن الان انا بحاجة شديدة لنوم عميق على فراش وثير، تصبحين على خير يا بطتي..
هتفت بغيظ: - لا تناديني بهذا اللقب الاحمق مرة اخرى!؟.
تمدد في أريحية ضاما كفيه اسفل مؤخرة رأسه هاتفا: - ومنذ متى اطعتك في امر ما!؟، ثم انا ادلل زوجتي كما يحلو لي، يا بطتي..

ألقي باللقب الكريه مرة اخرى مغيظا واستدار موليا ظهره كانما يقطع اي فرصة في التواصل بينهما مما جعلها تتجاهله بدورها وهى تتجه الي تلك الأريكة الموجودة على الجانب الاخر من الحجرة لتتمدد عليها بدورها وتغرق سريعا في نوم عميق افتقدته لليال طويلة..

طرقات سريعة على باب حجرتهما ايقظتهما بالكامل ليستوعب كل منهما موضعه، اندفعت حياة لتفتح الباب غير عابئة بانهما لايزالا بملابس الامس ولم يبدلاها..

انفرج الباب لتطالعها نهى باضطراب
هاتفة: - جدي متعب للغاية ويطلبكما..
انتفض ادم من الفراش ليلحق بحياة وهى تهرول لحجرة جدها، توقفا امام الفراش ليطالعاه شاحب الوجه على نحو مخيف وأنفاسه تتابع في سرعة غير معتادة..
هتفت حياة وهى تجلس جواره على طرف الفراش تضع له قناع الأكسجين تطمئنه رغم ذعرها: - اطمئن يا جدي، ستكون بخير..

هتفت نهى في حنق: - لقد اعتذرت الممرضة التي كانت تلازمه عن مجيئها اليوم والممرضة البديلة تأخرت كثيرا فقد كان من المفترض تواجدها هنا منذ اكثر من ساعة، وطبيبه المعالج هاتفه لا يرد..
ساتصل بالعم مهنى ليتصرف..
هتف ادم معترضا: - لا اتصالات ولا انتظار للطبيب، سنذهب به للمشفى على وجه السرعة..
همس الجد في وهن من خلف قناع الأكسجين: - لا داعِ..
هتف ادم مؤكدا: - بل هناك الف داعِ، هيا علينا الإسراع..

هتف ادم امرا نهى باحضار العربة امام باب الفيلا فأطاعته في سرعة وابعد حياة عن طرف الفراش الذي تسمرت عليه في هدوء رابتا على كتفها مطمئنا، وانحنى يحمل الجد الذي كان جسده خفيفا واهنا يدعو للشفقة..

اندفع به ادم في اتجاه العربة وخلفه حياة ارقد ادم جسده بالمقعد الخلفي في هدوء و جلست حياة جواره بينما ادم اندفع خلف عجلة القيادة بجوار نهى التي كانت تحفظ الطريق الى المشفى الذي وصلوا اليه في غضون الخمس دقائق..
صرخ ادم عندما وصل الاستقبال ليندفع الجميع باهتمام بالغ حاملين الجد لداخل المشفى للقيام بالازم..

استقبلهم الطبيب المعالج بعد معاينته حالة الجد معتذرا: - انا اسف لتأخري عن القدوم عندما استدعتني آنسة نهى، كنت بغرفة العمليات، أحسنتم صنعا بإحضاره الى هنا، فالوقت كان فارقا بالفعل..
تطلعت حياة الى ادم نظرة ممتنة بينما هتف هو متسائلا في اهتمام حقيقي: - هل سيكون بخير!؟.

اكد الطبيب: - لقد تعرض لازمات متتالية اثرت كثيرا على وضعه العام في الفترة الأخيرة، بالمناسبة، حمد لله على سلامتك سيدتي، لقد كان غيابك واحدا من أسباب تأخر صحته، لكن عدت بخير ونرجوا ان يكون ذلك حافزا له ليعتني بصحته بشكل افضل..
دمعت عينا حياة تأثرا ليستطرد الطبيب في مهنية: - نرجو ان يمر الامر بسلام، لو مرت الليلة على خير سيكون الوضع مطمئنا، دعواتكم لأجله..

انصرف الطبيب لتنزوي نهى جانبا في حزن بينما انسابت الدموع على وجنتىّ حياة ولم تنبس بحرف واحد..
ربت ادم على كتفها وهمس مطمئنا: - سيكون بخير باذن الله..

وقفت تتطلع في تيه لجسد جدها المسجي على فراشه بين الاجهزة الطبيبة من خلف زجاج غرفة العناية المركزة وهمست في وجع: - ماذا لو رحل!؟، كيف سيمكنني العيش دونه!؟، انه، ان جدي بعد رحيل والدينا انا ونهى في حادث السيارة المشؤوم ذاك وهو كل حياتنا، لم يدخر وسعا في إسعادنا بكل ما يملك..

ورفعت ناظراتها الدامعة اليه في هشاشة هامسة: - اوتعلم!؟، لقد كنت المفضلة له دوما، لكنني بعد كل ما فعله لأجلي خزلته، أذقته مرارة ووجعا لا يقل عن وجع رحيل والديا، أشعرته انه فرط في أمانتهما، ومع ذلك، ظل دوما هو الحصن، هو الصرح الذي اختبئ خلفه من خطوب الدنيا ونوائبها، كان هو..

وانقطع استرسال كلماتها لتشهق في وجع وبغصة عالقة بحلقها هامسة: - كان الصديق الأوحد، فماذا لو رحل!؟، ماذا سيحدث لحياة من بعده اذا ما انهار صرح الحماية!؟، سُيهتك غطاء الستر، سأموت حتما..

شهقت من جديد منتحبة ليجذبها نحو صدره لاواعيا ضاما إياها بين ذراعيه مطبقا عليها باحضانه يود لو ينتزع ذاك الوجع من بين أضلعها محلا اياه بفرحة لا تقدر وهمس مؤكدا في صوت متحشرج: - سيكون بخير ولن يمسك سوء طالما انا هنا، اطمئني..
ظلت تبكي باحضانه لفترة ولم يفلتها حتى بدأت تهدأ قليلا، اجلسها على احد المقاعد واحضر لهما هي ونهى الباكية بدورها بعض المشروبات المنعشة حتى تهدأ كلتاهما..

قرر ادم عودتهما للفيلا وبقائه هو بجوار جدهما السعيد الا ان حياة ابت الرحيل وأصرت على البقاء معه وتحت ضغط تشبثها بالبقاء ازعن لطلبها لترحل نهى لتنال قسطا من الراحة حتى يتم التبادل بينهما..
مرت الساعات كئيبة وثقيلة ولا جديد يذكر في حالة الجد، كانت حياة قد غفت رغما عنها على احد المقاعد بينما ظل هو على حالة من الترقب لما قد يحدث وخاصة بعد ان اخبره الطبيب سرا ان الحالة لا تدعو للتفاؤل على الاطلاق..

اقترب منها مدثرا إياها بسترة ابيها التي كان لايزل يرتديها منذ البارحة فتشبثت بها من بين همهمات غفوتها تضمها اليها فاعتصر الوجع قلبه على هيئتها الباعثة للشفقة..

عاد لموضع وقوفه السابق يتطلع الي الجسد الواهن عبر الزجاج لتقفز الى مخيلته ذكرى شبيهة وموجعة، دمعت عيناه رغما عنه لمرور طيف الحدث بمخيلته الا انه استفاق فجأة منتفضا على صوت صفير من جهاز ما بالداخل جعل الأطباء يهرعون للغرفة لتنتفض حياة بدورها فزعة للحركة المرتبكة حولها مندفعة تقف لجواره تتطلع من خلف الزجاج لمحاولتهم إنعاش قلب جدها الذي توقف عن النبض يكاد يقف قلبها بدوره، وما ان ادركت توقف الأطباء عن محاولة إنعاش قلبه حتى ادركت أنها النهاية..

اتسعت رقعة السواد امام ناظريها واضحت بحجم الكون لتسقط فاقدة الوعي بين ذراعي المدعو، زوجها..

مر العزاء في هدوء وما ان اوشك على الانتهاء برحيل معظم المعزين حتى طل شهاب الذي اندفع باتجاه حياة هامسا في مداهنة: - البقاء لله، وحمدا لله على سلامتك فلم اعلم بعودتك الا مع علمي بخبر الوفاة..
انتفضت حياة ما ان طالعها محيا ذاك الحقير هاتفة في حدة: - ما الذي أتى بك الا هنا!؟.

هتف شهاب في هدوء: - وكيف لا أكون بجوار زوجتي العزيزة في مثل ذاك الظرف القاسي!؟.
هتفت بحنق: - زوجتك!؟، هل تمزح!؟.
هتف شهاب في ثبات مقيت وابتسامة صفراء على شفتيه: - أولم يخبرك جدك اني رددتك لعصمتي قبل انتهاء العدة عندما كنتِ بالمشفى!؟.

تطلعت حياة اليه في صدمة ولم ترد ليدخل ادم في تلك اللحظة وقد انتهى لتوه من توديع اخر المعزين من الرجال ليعود لداخل الفيلا ليطالع ذاك المشهد الصاخب، اندفع باتجاه شهاب متسائلا في حدة: - من يكون هذا!؟
هتف شهاب ساخرا: - على انا ان أسالك هذا السؤال.!؟.
هتف ادم في حدة من جديد: - انا زوجها، من تكون..!؟.
قهقه شهاب في سخرية لا تتناسب والوضع الراهن هاتفا: - وانا ايضا للمصادفة العجيبة زوجها..

اندفع ادم محكما قبضتيه على ياقة قميص شهاب يهزه متحدثا اليه من بين اسنانه في غضب مكبوت: - اسمع يا هذا، اي كانت نوعية تلك الألاعيب القذرة التي تقوم بها فهى لن تجعلني اتواني عن قتلك بدم بارد ما لم تغرب عن وجهي اللحظة ولا تريني اياه مرة اخرى ما حييت، هل فهمت!؟.

اضطربت ثقة شهاب في قدرته على احداث فارق ما بإعلانه ذاك الخبر الصادم والذي سيجعله قادرًا على المكوث معها والاستفادة من كل هذا العز والفخامة فهتف مدعيا الحنق: - زواجكما باطل، فهى لاتزل زوجتي، ولن أتنازل عنها ما حييت..
دفعه ادم بعيدا قبل ان يتهور ويقوم بقتله بالفعل هاتفا في ثورة: - ارحل الان قبل ان أنفذ تهديدي ايها الاحمق..

اندفع شهاب للخارج في سرعة ليتطلع ادم لحياة التي كانت تقف كتمثال بلا حراك واخيرا تطلعت اليه بدورها نظرة مفادها، الم اخبرك ان موت جدي سيزيح عنا غطاء الستر وسيجر علينا الكثير، اندفعت للأعلى تاركة اياه يغلي غضبا لظهور هذا الشهاب مدعيا انه زوجها مما اثار بداخله مشاعر كفيلة بحرق الأخضر واليابس..


look/images/icons/i1.gif رواية السماء تشهد أيها الماجن
  09-01-2022 11:31 مساءً   [11]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية السماء تشهد أيها الماجن للكاتبة رضوى جاويش الفصل الثاني عشر

تأخر في الصعود لحجرتهما، لقد تعمد ذلك حتى يترك لها وقتا تفرغ فيه مشاعرها دون تطفل منه او حتى تكليف نفسها ما لا تطبق بادعائها انها على ما يرام امامه حتى تظهر بمظهر القادرة والمسيطرة على الامور والتي يعلم تماما انها تتفلت من بين أصابعها..
فتح الباب في هدوء معتقدا انها راحت في سبات عميق لكن ما ان دلف للغرفة حتى وجدها فارغة..

اعمل عقله للحظة واخيرا استنتج موضع وجودها فاتجه في تؤدة نحو حجرة جدها، فتح الباب بحرص شديد ليطالعه جسدها متكوم على الفراش محتضنة مئزره المفضل والذي كان يحمل رائحته التي تشعرها بالامان الذي ولى برحيله..
اقترب منها في حذّر ليجدها تغط في نوم عميق لكنها تشهق من خلاله ما بين الحين والآخر شهقات موجعة تؤكد انها كانت تبكى قبيل خلودها للنوم مباشرة..

شعر بالشفقة عليها ولم يشأ ان يوقظها وقرر تركها تنام حيث تشعر بالراحة، مد يديه دافعا بالغطاء ليدثرها لتصدر منها شهقة جديدة جعلته ينحنِ لاأراديا طابعا قبلة على جبينها في رقة راغبا في الا يدعها وحيدة..
لكنه قاوم تلك الرغبة سائرا بحرص في سبيله لمغادرة الغرفة ملق عليها نظرة اخيرة قبل ان يغلق الباب ورائه تاركا إياها تغفو في سلام..

طرقت نهى الباب عدة طرقات وأخيرا دفعت الباب ودخلت لعلمها بانها وحيدة تماما بحجرة جدها، لتجدها لازالت بملابس الامس حتى غطاء رأسها لازالت تضعه مستيقظة شاخصة أبصارها تجاه تلك الصور الفوتوغرافية الماثلة امامها على الحائط تتأملهم بعيون دامعة..
تنهدت نهى وهى تجلس جوارها هامسة في محاولة لإقناعها بالنزول للإفطار: - هيا حياة، لننزل لنتناول شيئا، انتِ لم تمسي طعاما منذ ايّام..

همست حياة بصوت اجوف النبرة: - لا شهية لي، اذهبي انتِ..

همست بكلماتها الأخيرة ولايزل ناظرها معلقا على الصور هامسة في وجع: - رحل كل احبابنا يا نهى، أصبحنا وحيدتان في هذه الدنيا، كان دوما ما يتطلع جدي من موضعه هذا لتلك الصور شاردا بالساعات وكنت أتساءل لما يفعل ذلك، الان وانا اجلس بنفس موضعه ادركت لما!؟، انه الحنين القاتل الذي كان يعانيه وأعاني مثيله اللحظة، لمَ لم ارحل في حادث الطائرة لأكون معهم!؟، لمَ.!؟.

شهقت حياة باكية لتشاطرها نهى البكاء للحظة وأخيرا ربتت على كتفها في مؤازرة تهمس معاتبة: - هيا يا حياة، ارجوكِ، البقاء هنا سيقتلك حزنا..
طل ادم متنحنا على اعتاب الغرفة ودخل في أريحية هاتفا: - صباح الخير..
نهضت نهى من جوار حياة هاتفة بدورها: - صباح الخير، الإفطار جاهز بالأسفل..
هتف ادم: - اشكرك، سنكون باعقابك..
هتفت نهى في شجن: - لكن حياة تأبي النزول..

هتف ادم معترضا واكد بلهجة الواثق: - لن يكون، ستتناول الإفطار معنا بالأسفل..
ابتسمت نهى في امتنان فهى تدرك بفطرتها ان ادم هو الشخص الوحيد الذي باستطاعته اثناء حياة عن امر اعتزمته وما ان همت بالخروج من الغرفة حتى توقفت متنحنحة للحظة وهتفت موجهة كلامها لآدم بنبرة شاكرة: - بالمناسبة، لا اعرف كيف اشكرك على كل ما فعلته معنا.!؟.

ابتسم ادم هاتفا في نبرة عاتبة: - لما الشكر من الأساس!؟، ألم اصبح فردا من العائلة!؟.
اكدت نهى في حماسة: - بالطبع انت كذلك..
وهتفت وهى تندفع من الحجرة مؤكدة: - سأنتظركما بالأسفل ولن أتناول فطوري حتى تحضرا..
هتف ادم مؤكدا بدوره هاتفا في مرح: - ونحن لن نتأخر، حافظي على يديكِ مضمومتين لا تقرب أي طبق حتى نأتي فانا أتضور جوعا..

قهقت نهى هاتفة وهى تبتعد: - اذا تأخرتما فلا ضمان لهذا فانا أتضور جوعا بالمثل..
تقدم نحوها هاتفا: - هيا لننزل لتناول الإفطار..
تطلعت اليه للحظة وتجاهلت أوامره وكأنها لم تسمعها مما دفعه ليجذب الغطاء بعيدا امرا إياها في حزم: - هيا استعدي للإفطار والا..!؟.
هتفت حياة في غضب: - والا ماذا!؟، ستتركني وحيدة، لم نعد بالجزيرة على ايه حال وانا وحيدة بالفعل لم تأت بجديد..

اوجعه كلامها لحد كبير مدللا على مدى معاناتها الداخلية لكنه اظهر على ملامحه قسمات عكس دواخله هاتفا: - لا، لن أدعك وحيدة ولكني سأحملك بهيئتك المزرية تلك حتى طاولة الإفطاروأطعمك بيديا عنوة امام أبنة عمتك والخدم جميعا..
تطلعت اليه في شك انه قد ينفذ ما يهدد به لكن نظرة واحدة لوجهه كانت كفيلة لتؤكد انه على استعداد تام لفعل ذلك وبكل استمتاع..

دفعت بنفسها خارج الفراش دفعا وهى تهمهم في غضب باتجاه الحمام ليهتف ادم ممسكا ضحكاته متصنعا الحزم: - هل تقولين شيئا يا بطتي!؟.
أغلقت باب الحمام بوجهه في عنف مما دفع قهقهاته لترتفع هاتفا بصوت عال: - راااائع، كم احب الزوجة المطيعة..!؟.
وعاد ليقهقه من جديد وهو يستمع الى صوت ارتطام شيء ما مدفوع من الداخل على باب الحمام..

دخل مهنى الى الفيلا بعد انتهائهم من تناول الإفطار ملقيا التحية في اعتيادية هاتفا: - مر أسبوع كامل على وفاة جدكما واعتقد انه جاء الوقت للجلوس لقراءة وصيته..
هتف ادم في حماس: - اعتقد انك على حق..
تنبهت حياة لحماسته وهتفت في تحفظ: - هل هذا ضروري!؟.
اكد مهنى بايماءة من رأسه وهتف مفسرا: - على كل واحدة منكما ادراك ما لها..

هتفت نهى في لامبالاة: - انا وحياة مالنا واحد، لن يكون هناك خلاف بيننا على امر كهذا ابدا..
اكد مهنى في تخابث وهو ينظر الى ادم نظرة جانبية ذات مغزى: - اعلم أنكما اقرب لبعضكما من اخوات لكن كل منكما لابد ان تعلم حقها لان حياة اليوم زوجة وانت يا نهى يوما ما سيكون لك زوجا سيبحث عن حقك..
اكد ادم حديث مهنى دون مواربة: - رأي صائب سيد مهنى، الامر لن يضر احداهن..

هتف مهنى مؤكدا: - حسنا، سأكون هنا مساء الغد لفتح الوصية، هل هذا يناسب الجميع..!؟.
أؤمأ الكل موافقا وما ان هم مهنى بالرحيل حتى تطلع الى نهى ليسألها: - هل انتِ في طريقك للشركة!؟.
اكدت نهى: - نعم، اليوم عليّ إنهاء بعض الأمور المعلقة..
هتف مهنى في مودة: - حسنا، اسمحي لى بتوصيلك، فطريقنا واحد على أي حال..
وابتسم ابتسامة ذات مغزى لم تدركها نهى
التي وافقت في أريحية ليرحلا سويا وعيون ادم تتبعهما..

تطلع مهنى لنهى التي كانت تجاوره بالسيارة هاتفا في وداعة: - ما أجمله من صباح!.
ابتسمت نهى هاتفة في أريحية: - اشكرك، كان ذلك لطفا منك..
هتف مبتسما: - كان ذلك من دواعي سعادتي، بالمناسبة..
تحولت نبرة صوته لنبرة عملية هاتفا: - لقد طلبت من جدك تعيين مسؤل جديد عن الحسابات وكان قد وافق رحمه الله، انه بانتظارنا في الشركة سأرسله ل..

هتفت نهى في بساطة تقاطعه: - نعم، انا على علم بذلك، وقد نشرت اعلان للتقدم للوظيفة يوم ان اخبرني جدي واليوم هو ميعاد المقابلات الشخصية للراغبين..
تطلع مهنى لها في صدمة متسائلا: - ولما لم تخبريني بأمر هذا الإعلان!؟.
هتفت نهى في سلاسة: - لانه كان بناء على امرمباشر من جدي وهذا ايضا من صميم عملي، هل هناك خطب ما!؟.

اكد مهنى محاولا السيطرة على غضبه الكامن بأحشائه: - لا مطلقا، لكن انا في موقف حرج الان فهو ينتظر بمكتبي وكنت سأرسله لك لتقومي على إنهاء متطلبات التعيين، ولا..
هتفت نهى تقاطعه بابتسامة مشرقة: - ما من مشكلة، ارسله وسأقوم بالمقابلة الشخصية بنفسي واذا ما كان الاكفء من بين المتقدمين ستكون الوظيفة من نصيبه بالتأكيد..

هز مهنى رأسه موافقا وقد وصلا لمقر الشركة ليندفع لمكتبه تشيعه نهى بابتسامة وهى تتجه لحجرة مكتبها ومنها لحجرة الاجتماعات حيث ينتظرها العديد من طالبي الوظيفة..

هتفت شادية وهى تقذف بأحد مقاعد الطاولة ليسقط مصدرا صوتا مدويا انتفض على اثره شهاب متطلعا اليها في ضيق غير قادر على التعبيرعنه امام ثورتها: - اما من طريقة للوصول لأموال هذه الحياة!؟، اين تلك الأوراق اللعينة التي ستعيد حقنا أيها الاحمق!؟، لو كانت بحوزتك الان لكنت قابعا سيدا لهذه الفيلا بديلا عن ذاك الذي يتمتع بها الان، وكان طلقها مرغما وقبلت هي بعودتك لحياتها خوفا من الفضيحة وشراء لحريتها حتى لا تدخل السجن بتهمة تعدد الأزواج، وكان نالني انا من هذا العز جانبا..

هتف شهاب مؤكدا: - انا أحاول قدر استطاعتي لكن الحصول على هذه الأوراق يحتاج لأموال طائلة حتى يمكنني الحصول عليها..
هتفت شادية: - افعل كل ما يمكنك فعله للحصول عليها، المهم ان اجد نفسي هناك، مع تلك الحقيرة، حتى تعلم اننا نلنا ما اشتهينا رغما عن انفها..
تطلع اليها شهاب يهز رأسه في طاعة..

جلست نهى خلف الطاولة وأمرت مساعدتها بإدخال راغبي الوظيفة واحد تلو الاخر وأمامها سجلات مرتبة تحوي كل ما يخصهم من مؤهلات وشهادات كفاءة..
دخلوا واحدا تلو الاخر ولا جدير بالوظيفة ارتأت استحقاقه لها..

شعرت بالإرهاق واليأس وقررت قبول ذاك الشخص الذي احضره عمها مهنى فهو يثق على الأقل في كفاءته، همت بمغادرة غرفة الاجتماعات الا ان تلك الطرقات على الباب جعلتها تعاود الجلوس مرة اخرى وراء مكتبها متنهدة ومدت كفها لكوب العصير ترتشف منه وهى تهتف امرة في ضيق ونفاذ صبر: - ادخل..

دفع الباب ودخل لتغص هي بتلك الرشفة التي كانت بحلقها واثناء نوبة سعالها دخل طرف الشفاط في عينها فاصبحت غيرقادرة على التنفس اوالرؤية..
اشتد السعال وانسكب العصير وسادت الفوضى..

اندفع هو تجاهها ما ان رأي ما يحدث محاولا انقاذ ما يمكن انقاذه فأخذ يطرق بكف يده القوية على ظهرها وامسك باحد الملفات يلوح بها طلبا لبعض الأكسجين لإسعافها، لحظات وهدأ السعال فاشارت له اخيرا انها على ما يرام مما جعله يعود في حذّر ليجلس قبالتها على الجانب الاخر من الطاولة..

مدت كفها لتسحب بعض المناديل الورقية من علبتها الموضوعة امامها لتسمح دمعها جراء سعالها الشديد والتي تشوش رؤيتها تماما لكن لا فائدة فقد علقت المناديل وأقسمت الا تخرج من مخبئها مما أثار غضبها لتهتف في حنق وهى لا تزل تجذب احداها: - اللعنة، اللعنة..
نهض الشاب في هدوء هامسا: - اسمحي لي..
ومد يده ليخرج المنديل العالق بكل هدوء وقدمه اليها في مودة..

مدت كفها تتناوله وهى تراه من خلف غلالات دمعها صورة مهزوزة مشوشة، لكنها رغم ذلك رائعة..
أجلت عينيها ونظرت اليه هذه المرة بشكل اوضح، كان رائع بكل المقاييس، همست في تيه: - ما اسمك..!؟.
اشار الشاب للأوراق التي بللها العصير المسكوب: - كان بالأوراق التي أغرقها ال..
هتفت ساخرة: - الا أستطيع معرفة اسمك بلا أوراق..!؟.
وقهقت مستطردة: - ام انك نسيته!؟

هتف برزانة وابتسامة دبلوماسية على شفتيه زادته وسامة جعلتها تحملق فيه ببلاهة: - لا بالطبع، ادعى سامي، سامي عبدالحميد الساعي، وحاصل على..
حاولت النظر للأوراق لكن العصير المسكوب جعلها ما عادت قادرة على الاستخدام فهتفت بلا تردد: - حسنا، الوظيفة لك، مبارك..
نظر اليها في تعجب متسائلا: - حقا!؟، بهذه البساطة..!؟.
اكدت في مرح: - نعم بهذه البساطة، لقد برهنت انك موظف كفء، فلقد انقذت حياتي لتوك..

وزيلت احدى الاوراق بتوقيعها هاتفة: - انت الان فرد من أفراد الشركة، اذهب لمساعدتي بالخارج وهي ستخبرك بما عليك فعله..
ونهضت تمد كفها في أريحية تجاهه هاتفة: - مرحبا بك بيننا يا سامي..
نهض سامي في دهشة مادا كفه للتحية بدوره هاتفا في هدوء: - هذا من دواعي فخري، اشكرك..

استأذن سامي لينفذ ما امرته به تاركا إياها تتطلع حيث غاب ولا تعلم لما منحته الوظيفة بهذه السرعة رغم عدم تأكدها من مهاراته لكنها أقسمت انه حتى ولو لم يكن يجيد علم الرياضيات لكانت وظفته وليكن ما يكون، قهقت عندما لمع هذا الخاطر بمخيلتها في شقاوة..

لليوم الرابع على التوالي يبحث عنها بداخل حجرتهما فلا يجدها، كان يعلم انها بحجرة جدها وكان يحترم حزنها فتركها تفعل ما فيه راحتها لكن بعد ما سمعه منها مع نهى صباحا فلا يجب ان يدعها تبيت في تلك الغرفة من جديد..

طرق باب غرفة جدها فلم تجب فدخل بحرص ليجدها على نفس موضعها ككل ليلة تتكوم بالفراش محتضنة مئزره وتنام باستكانة في وضع جنيني يثير الشفقة، اقترب منها وهم بحملها لتنتفض مذعورة تتطلع نحوه في تشوش هاتفة في ذعر: - ماذا تريد!؟.
همس يطمئنها: - لا تفزعي، جئت أحملك
لحجرتك التي عليك إلتزامها..
نظرت اليه في ضيق هامسة بصوت غاضب: - انا مرتاحة هنا، سأنام بفراش جدي، هل لديك مانع..

كان رده عمليا فقد حملها بغطاء الفراش لتشهق وهو يهتف مؤكدا: - نعم لدي الف مانع، فانا زوجك ولي الحق في ان تكوني الى جواري..

حاولت ان تتملص من بين ذراعيه ولكنه كان يقبض عليها بشكل حازم فلم تستطع الفكاك الا وهو يضعها على فراشهما الذي ما ان همت بلمسه حتى نفضت الغطاء عنها واندفعت مبتعدة في اتجاه اريكتها، تركها ولم يهتم بما فعلت فقد كان مقصده فقط هو ابعادها عن حجرة جدها وذكرياته وصور العائلة التي تثير أحزانها بشكل مضاعف، تمدد بدوره على الفراش موليا وجهه لموضعها على الاريكة التي تمددت عليها بدورها مولية ظهرها له، كانت تبكي، استشعر ذلك من اهتزاز جسدها لانها كانت تحاول كتمان شهقات البكاء الذي يدميها وجعا، تنهد في حزن واستدار موليا ظهره لها بالقابل، حاول النوم لكن لا سبيل له وهو ما ان يغلق عيناه حتى يطالعه مظهرها مولية الظهر تبكى بقهر مكتوم..

انتفض بشكل لاإرادي مندفعا اليها ليحملها من جديد من فوق تلك الاريكة لتهتف معترضة في وهن: - اتركني لحالي، ارجوك..
همس وهو يضعها مرة اخرى على الفراش لتندفع مبتعدة على الطرف الاخر مولية له ظهرها، ابتسم في شجن لأفعالها الطفولية وتمدد جوارها مقتربا منها وأحاطها بذراعيه تخشب جسدها وهمست بأحرف متقطعة: - رجاءً، اتركني، فانا..
ضم ظهرها اكثر الى صدره هامسا: - هششش، نامي، فانتِ بحاجة للراحة..

واقترب هامسا بالقرب من مسامعها: - ولا تخش شيئا فانا لا استغل حزن امرأة مكروبة، اطمئني..

بدأ جسدها المتخشب من الاسترخاء بعض الشئ بعد كلماته التي كانت تحمل صدقا لا يمكن إغفاله، تطلع اليها ليجد عيونها مفتوحة تتطلع امامها ونظرها لايزل معلقا بالحائط المقابل للوحة مجسدة لكيوبيد اله الحب على هيئة ملاك ممسكا بقوسه فطرأت له فكرة وهمس بالقرب من مسامعها محاولا استدراج مخيلتها بعيدا عن أحزانها الحية: - هل تدركين من ذاك الملاك بالصورة!؟، وهل تعرفين حكايته!؟.

هزت رأسها نفيا دون ان تجيب بحرف ليستطرد وقد تشجع هامسا: - انه كيوبيد اله الحب، ابن الاله فينوس اله الجمال، كان دوما ممسكا بقوسه كما ترين يصيب به قلوب البشر ليقعوا في الغرام ويصيبهم العشق بسهمه..
لكن هل وقع اله الحب في العشق يوما!؟.
تنبهت هامسة: - هل حدث ووقع بالهوى!؟.

ابتسم لانها استعادت بعض من فضولها تجاه حكاياه هامسا: - نعم، أصابه سهمه يوما بالخطأ فجرح قلبه ووقع في هوى فتاة جميلة تدعى بسايكي، هام في هواها وقرر الزواج بها فامر كيوبيد والد الفتاة بتركها على جزيرة وحيدة والزواج بها بعيدا عن اعين البشر وحتى لا تعلم امه فينوس فتفرقهما..
همست ما بين صحوها وغفوتها: - كانا على جزيرة وحيدين، مثلما كنّا..

هزته الذكرى بشكل عجيب فابتسم هامسا: - نعم، تزوجا لكن كيوبيد كان شرطه الا تراه زوجته الا طيفاً، لا تعلم هيئته الحقيقية، الا انه في احدى الليالي، خالفت بسايكي ذاك الشرط وإضاءت الانوار وهو نائم بقربها رغبة في معرفة حقيقة زوجها الذي زاد عشقها له بعد ادراكها لهويته لكن للأسف امه علمت بالأمر وقررت تفريقهما..
همست في شجن وبصوت ناعس: - اشفق عليهما، فما امر الفراق!.

تنهد مستطردا: - لكنهما لم يستسلما وعانى كل منهما الأهوال ليلق خليل قلبه حتى ازعنت فينوس أخيرا لرغبة قلبيهما وجمعتهما ليعشا في سلام عشاق للأبد...

ثقلت أجفانها بالفعل وراحت في سبات عميق، ادرك ذلك من انفاسها المنتظمة فضمها اليه اكثر يستشعر انه يضم اليه جزء عزيزعليه افتقده منذ زمن بعيد وهاقد عاد الي موطنه الاصلي بين ذراعيه وعلى قدر تلك الراحة العجيبة التي كانت تسربله على قدر ذاك القلق الذي اعترى روحه التي كانت تظن انها اصبحت محصنة للأبد من ذاك المرض العضال المدعو، المدعو ماذا!؟، انتفض داخليا وهو يؤكد انها مجرد بعض من ألفة لبقائهما معا في الجزيرة لفترة ليست بالقصيرة وحيدين تماما وثانياً لاشفاقه عليها لوفاة جدها الذي كانت تحبه، الامر لا يخرج عن هاذين السببين لا اكثر، همس لنفسه مؤكدا، نعم، فلتهدأ روحي وتقر عينا، فبالنسبة لي، العشق باب مصمت بلا مقابض، وعلى الرغم من حديث نفسه الذي جعله يطمئن بعض الشئ الا انه احكم ضم ذراعيه حولها ملصقا إياها لصدره لتسكن تماما باحضانه ليغلق عيونه بدوره مبعدا إياها عن لوحة كيوبيد الذي يلهو بقلوب العاشقين، متنهدا في راحة لقربها جلبت له مزيد من عدم الراحة، ويالها من معادلة!

شعر بتيبس باحد ذراعيه وحاول ان يتحرك ليشعر بثقل ما يكبله ففتح عيونه في تكاسل ليجدها لاتزل على حالها ترقد في براءة بين ذراعيه تهنأ بنوم عميق وقد جفت دموعها على وجنتيها لتضيف على مظهرها ذاك مظهرا شهيا بشكل لا يصدق..

جذب نفسه من التمادي في خواطره الخطرة تجاهها وابتسم رغما عنه وهو يجدها لاتزل محتفظة بغطاء رأسها الذي أصبحت لا تخلعه ابدا وقد انحصر قليلا للخلف، استشعر انها لاتزل تتوجس منه ولم تمنحه ثقتها كاملة لتعامله كزوج حتى ولو من الناحية الشكلية..

اغمض عينيه سريعا عندما شعر بتململها بين ذراعيه مدركا انها في سبيلها للاستيقاظ وقد كان محقا فقد فتحت عيونها في ثقل فلازال النعاس يتشبث بأهدابها ليصطدم ناظريها بذقن احدهم، انتفضت داخليا ورفعت نظراتها اليه وتذكرت ما حدث بالأمس مما جعلها تضطرب وهى غير قادرة على الفكاك من شرك ذراعيه المحكم حولها، لكن أخيرا تسللت في مهارة مبتعدة عن حصاره وقد ساعدها هو بشكل خفي على الخلاص من أسره لتنهض مبتعدة تتنفس في اضطراب فقد كانت اللحظة بين ذراعيه تنعم بأمان تعلم تماما انه زائف لكنه حرك وجعا ما خفيا بين أضلعها تحاول ان تئده حيا..

لم تكن قد استعادت رباطة جأشها بشكل كامل حتى همهم ادم يعلن انه على وشك الاستيقاظ، فتح عيونه متطلعا نحوها وعلى شفتيه ابتسامة ماكرة جعلت أمعاءها تتلوى اضطرابا، هتف في تكاسل: - صباح الخير زوجتي العزيزة..
هتفت في غيظ: - لا تقل زوجتك، تعلم تماما انه زواج مدبر درأً للفضيحة من منظور جدي..
وتحشرج صوتها مؤكدة: - وها قد ذهب جدي بلا رجعة فلا اعتقد ان استمرارنا في تلك المسرحية الهزلية له اي داعِ..

هتف مازحا كأنه لم يسمع ما تفوهت به لتوها: - اعتقد ان الفطير وبعض من العسل والزبد سيكون رائعا على الافطار، اشعر بجوع شديد حتى اني على استعداد لتناول الإفطار باطباقه..
هتفت في غضب: - الا تفكرالا في مجونك ومعدتك.!؟، اما من شئ اخر يحتل ولو جزء بسيط من هذه الجمجمة!؟.
قهقه مؤكدا في عبث: - بالتأكيد يوجد، المال الذي بدونه لن أستطيع الحصول على كليهما..

هتفت غاضبة وهى تقذفه باحدى الوسائد التي كانت في متناول يدها: - حقير، استطاع تلقي الوسادة بين ذراعيه ضاما إياها في شوق هاتفا في لهجة مازحة: - اخيرا سأحصل على حرب الوسائد التي تمنيت..

وبدأ في إلقاء الوسائد واحدة تلو الاخري والتي كانت تصيب الهدف في مهارة لتصرخ حياة في غضب راغبة في الوصول اليه حتى تجتث رأسه من فوق كتفيه، اخيرا استطاعت الإمساك به بعد جهد جبار عندما انتهت الوسائد من جانبه مما مكنها من الانقضاض على رقبته صارخة في.

ثورة: - أيها الاحمق، سأقتلك بكف عارِ، أطبقت بالفعل على رقبته بكلتا يديها ولم يقاوم هو بقدر ما ارتسمت ابتسامة هادئة على شفتيه وهمس بأسلوب مسرحي في صوت أبح نظرا لضغطها على حنجرته: - الموت بيديك متعة في حد ذاتها، ما اجمل الرحيل بين ذراعيكِ..
ابعدت كفيها بعيدا عنه صارخة وهى تهم بالخروج من الحجرة: - انت غير محتمل، هتف يستوقفها فتوقفت متنبهة لندائه: - حياة..

ليستطرد رابتا على معدته: - الرجاء الاسراع في إعداد الفَطور فمعدتي تقرقر، ايرضيك هذا يا بطتي!؟.
جزت على أسنانها في غيظ واندفعت مبتعدة خارج الغرفة تصفق الباب خلفها في عنف متزامنا مع قهقهاته التي طاردتها على طول الردهة.


look/images/icons/i1.gif رواية السماء تشهد أيها الماجن
  09-01-2022 11:32 مساءً   [12]
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
رواية السماء تشهد أيها الماجن للكاتبة رضوى جاويش الفصل الثالث عشر

اندفعت حياة تهبط درج الفيلا الخارجي في سبيلها لسيارتها وما ان فتحتها وأصبحت امام مقودها حتى انتفضت عندما فتح ادم الباب الأمامي وجلس في المقعد المجاور لها، تنهدت في محاولة لضبط النفس هاتفة في هدوء مصطنع: - ماذا تفعل هنا!؟.
اكد في هدوء مماثل: - اصحبك للشركة!؟
تساءلت: - لما!؟، لا اعتقد ان لك شأنا بالشركة، حتى انه لا خبرة لديك في عالم التجارة والأعمال!؟.

اكد في رزانة: - كل ذلك لا يهم، فانا اصطحب زوجتي لعملها واؤكد للجميع ان خلفها رجلا يحميها ويحفظ مالها، أليس هذا غرض كافِ للذهاب معكِ!؟.
قهقهت في سخرية: - حماية مالي، ام انك تود ان تعلم كم املك حتى تساومني على الطلاق بشكل يحقق لك اكبر منفعة!؟، على اي حال، يمكنك المجئ فما عاد النقاش يجدي..
ابتسم في سعادة هاتفا: - احسنتِ، الجدال مضيعة للوقت ومقلق للراحة، هيا..

انطلقت بالسيارة وساد الصمت بينهما حتى وصلا لبوابة الشركة، دخلت ليتنبه الجميع لحضورها ملقين التحية في مودة والتي بادلتها بدبلوماسية شديدة وابتسامة هادئة واثقة وهو خلفها يتطلع لكل هذا في تعجب فلقد تبدلت شخصيتها تماما ما ان عبرت هذه البوابة كانما أضحت امرأة اخرى تماما..

ظل يتبعها كظلها حتى دخلت مكتبها وانتفضت مديرته تتبعها، تشاغلت عنه بالأوراق والاجتماعات ليخرج متسللا مستغلا انشغالها مستطلعا المكان ومقيما وضعه المالي..
كانت شركة مهيبة يعمل بها العديد من الموظفين وتحتاج جهد هائل في ادارتها لتصبح بهذا النجاح الذي سمع به من كل قريب وبعيد..

تطلعت حياة حولها ما ان شعرت بالصداع يحتل رأسها لتطلب كوب من القهوة لعله يعدل من مزاجها ويقلل من الشعور بضغط العمل الواقع على عاتقها لتكتشف فجأة انها نسيته تماما في خضم أعمالها..
انتفضت باحثة عنه لا تريد ان تتركه بمفرده فقد يحدث كارثة ما..

خرجت من مكتبها مهرولة قدر استطاعتها حتى لا ينتبه الموظفون تبحث هنا وهناك مدعية انها تقوم بجولة تفتيشية مفاجئة واخيرا توقفت فجأة عند مكتب علت به الضحكات والقهقهات لتدرك تماما وبلا ادنى ذرة شك واحدة لديها ان وجوده هو السبب الأساسي والرئيسي في تلك الضحكات المجلجلة التي تصل لمسامعها منتشية وغارقة في البهجة..

اندفعت للحجرة لينتفض الجميع وقوفا وقد خرست الضحكات، وقع ناظريها عليه ليبتسم في أريحية وكاد ان يهتف بأمر ما الا انه استأذن في تأدب خارجا من الغرفة بعد ان رمقته بنظرة تهديد..
تبعته حياة في صمت في اتجاه مكتبها وما ان اغلقت بابه خلفهما حتى هتفت في غضب عارم: - لم اتِ بك الى هنا لتحول الشركة لاحد معاقل مجونك، هذه شركة محترمة وان لم تكن على نفس القدر من الاحترام فلا مكان لك هنا..

اقترب منها في هوادة لتتراجع حتى اصطدمت بالمكتب ومال جذعها مبتعدا وهو يميل عليها هامسا: - بالمناسبة انتِ لم تأت بي بل جئت رغما عنكِ، وانا افعل ما يحلو لي، انا حر..
وابتعد عنها في سبيله للرحيل لكن قبل ان يصل للباب توقف متطلعا اليها وهتف في سخرية: - ساموت كمدا من تلك الحياة القاتمة في فيلتكم، بعض من المرح لن يضر احدا يا عدوة الفرحة..

خرج تاركا إياها تتطلع الى حيث رحل تردد داخلها ذاك اللقب الذي نعتها به، عدوة الفرحة، أهي بحق عدوة للفرحة!؟، قاتمة كالحياة بالفيلا..!؟ ولما العجب، أليس هذا رأي كل الرجال بها!؟.
.

كانت في طريقها لغرفة جدها والتي قررت ان تتخذها حجرة لها بعيدا عن هذا المستفز، وصلت لأخر الرواق وما ان همت بوضع كفها فوق مقبض الباب حتى هتف ادم مانعا إياها هاتفا: - سبق وان أخبرتك ان لك حجرة وزوج عليك ملازمتهما، الم افعل!؟
استدارت متطلعة اليه هاتفة في حنق: - سبق وان أخبرتك ان سبب زواجنا قد انتفى ومات جدي وعلينا إنهاء تلك المزحة السخيفة، الم افعل!؟.

اقترب منها ما دفعها لتتقهقرمبتعدة ليتطلع لعمق عينيها هامسا في هدوء مريب: - مزحة سخيفة!؟، لقد وافقتِ بملء إرادتك على زواجنا ونحن بالجزيرة، ولولا ظهور تلك الطائرة اللعينة لحظتها لكنتِ الان..
قاطعته في غضب: - اصمت، لا تكمل عبثك، حمدا لله ان الطائرة جاءت في الوقت المناسب حتى لا أتورط مع وغد مثلك مثلما نعتك جدي مذ اللحظة الاولى التي طالعك فيها..

همس وابتسامة ساخرة ترتسم على جانب فمه: - وغد..!؟، حسنا فلنتعامل بطريقة الأوغاد، على كم سأحصل مقابل اطلاق سراحك يا بطتي!؟.
جزت على أسنانها هاتفة بنبرة مشمئزة: - قرر كم يلزمك حتى أتخلص منك وصدقني سأكون انا الفائزة..
تطلع اليها في سعادة فقد عقد لتوه صفقة عمره في اعتقادها، وهمس اخيرا في لامبالاة: - سأفكر كم يلزمني لفض تلك الزيجة المعطوبة وأبلغك..

وابتعد في عدم اكتراث وهو يطلق صفيرا للحن اجنبي راقص بينما دخلت هي حجرة جدها واغلقت الباب خلفها في عنف..
.

وصل مهنى في الميعاد المتفق عليه وتقدم حاملا حقيبته الجلدية لداخل غرفة المكتب بفيلا السعيد ليتبعه كل من ادم وحياة ونهى، جلس الجميع مترقبا وهو يخرج أوراقه بهدوء من داخل الحقيبة وبدأ في توجيه الكلام لهم قبل ان يفتح المظروف المغلق الحامل لوصية جدهما: - طبعا التركة كلها ستؤل لنهى وحياة لان لا اقرباء للسيد السعيد غيرهما..
هز أدم رأسه متفهما وكذا نهى لكن حياة ظلت على جمودها لا تلق بالا..

فتح مهنى الأوراق وعيونه تجرى على الأسطر تتجاهل بعض الصيغ القانونية التي لن تهم احد من الجالسين ليصل لخلاصة الوصية والتي كان مفادها ما قرأه بصوت واضح: - أوصي انا السعيد كامل السعيد بكل تركتي لحفيدتي الغالية، نهى سعيد سراج..
انتفضت نهى صارخة: - هذا غير معقول، وأين حياة من كل هذا!؟، هذه الوصية غير صحيحة..

تطلع ادم الذي كان يجلس في هدوء الى حياة التي كانت تذوب موضعها وأخيرا همست في صوت متحشرج: - لا يا نهى، انها صحيحة تماما..
تنحنحت في محاولة لإجلاء صوتها مؤكدة: - هناك أمور لا تعرفيها..
جلست نهى تتطلع الى حياة في تعجب هامسة: - أي أمور يا حياة!؟.

هتفت حياة لتتخلص من ذاك العبء الذي يجثم على صدرها: - عندما قررت الزواج من شهاب على غير رغبة جدي، حاول بكل الطرق اثناءي عن تلك الزيجة لكن انا، انا لم ارتدع، فجاء بي يوما قبل ان أغادر الفيلا واكد على انه اذا ما كنت لاازل على موقفي من ذاك الزواج فهو سيعمل على حرماني من ارثي منه بعد عمر طويل وكذا، جعلني أتنازل عن كل مليم ورثته من ابي وأمي واصبح ملكا لى بعد ما تخطيت الواحد وعشرون عاما، قال يومها انه لن يسمح بان تذهب أموال السعيد لمجموعة من الرعاع، ساعتها تنازلت عن كل مليم أملكه، وذهبت ولم أودعه حتى..

و..
لم تكمل حياة الاستطراد في ذكرياتها بل انحبس صوتها وبدأت تسيل الدموع على خديها..
انتفض ادم في غضب: - رغم كل ذلك هذه وصية باطلة، حياة لها مثل ما لنهى، ولا اعتقد ان جدها يظلمها بهذا الشكل!؟، فذاك القرار كان من اجل زيجة فاشلة خاف ان تضيع فيها أموالها واعتقد انه بعد رجوعها لكنفه قد عدل عن قراره..

واتجه نحو مهنى جاذبا ورق الوصية ينظر اليه في محاولة لإيجاد ثغرة ما الا ان الورق كان سليما لا غبار عليه..
هتف مهنى مؤكدا بلهجة رسمية: - الوصية سليمة مائة بالمائة، والسعيد لم يغير بها حرفا منذ أوصاني عليها..
هتفت نهى في تعاطف: - ساتنازل عن نصف التركة لحياة، هذا حقها، و
قاطعها مهنى بنبرة حاول ان يجعلها دبلوماسية على قدر ما استطاع: - لا اعتقد ان هذا هو الوقت المناسب لأي قرارات متسرعة..

تناول الأوراق من بين يديّ ادم وأعادها لحقيبته مغلقا إياها هاتفا: - عليّ المغادرة الان وسأقوم بالازم لإعلام الوراثة، تصبحون على خير..

رافقته نهى حتى باب الفيلا ليصبح ادم وحيدا مع حياة التي رفعت ناظريها اليه هامسة في نبرة ساخرة تقطر وجعا: - ها قد عرفت، حياة التي يسع الجميع خلفها من اجل مالها أصبحت مفلسة لا تملك الا راتبها من الشركة كأي موظف فيها، أعيش عالة على فيلا ومال ابنة عمتي، حتى انني لا املك المال الذي اقايضك به على حريتي..
ارايت!؟، كم هي رائعة حياة حياة..

كان أدم متسمرا موضعه يتطلع اليها مشفقا لتنهض هي في تثاقل لتعود لحجرتها او بالأحرى حجرة جدها وما ان همت بالخروج من المكتب الا وتوقفت تستدير اليه بوجهها هاتفة: - لا تقلق، سأقترض بعض المال من نهى في نظير حصولي على الطلاق، لابد وان تكون الصفقة رابحة بالنسبة لك، اليس كذلك!؟.
غادرت الغرفة تاركة إياه مصلوبا على كرسيه لا يبرح موضعه..
.

دخلت نهى الشركة لتقابلها عاصفة من التهاني من كل موظف قابلها بطريقها للمصعد تنهدت في ضيق فيبدو ان العم مهنى لم يدخر وسعا في إبلاغ الجميع بأمر الوصية دخلت المصعد لتتوقف بالدور الثالث شعرت بالضيق لانها تريد ان تصل لمكتبها سريعا لتختبئ فيه معظم النهار بعيدا عن تلك التهاني الزائفة التي تمقت، انفرجت أساريرها فجأة مع انفراج باب المصعد ليطالعها محيا سامي الذي ما ان هم بالدخول حتى تراجع بسبب وجودها هاتفا في احراج: - اسف، يمكنك المواصلة و..

هتفت به نهى مؤكدة وهى تضع كفها توقف اغلاق الباب أتوماتيكيا: - لا مشكلة، تفضل..
تردد قليلا ثم دخل في سرعة حتى لا يتركها تعلق الباب لفترة أطول..
تنحنح في اضطراب ولم ينبس بحرف، ليستطرد المصعد صعوده الا ان حدثت رجة قوية مفاجئة وتوقف المصعد عن العمل..
تطلع كل منهما للاخر في عدم تصديق لتهتف نهى في صدمة: - هل تعطل المصعد..!؟.
نظر باضطراب للوحة الاعداد يضغط عليها في توتر هامسا: - يبدو ذلك..

ورفع سماعة هاتف الطوارئ مبلغا عن العطل ليؤكد عليه المسؤل اتخاذ اللازم..
عاد متطلعا لنهى لينتفض ما ان وجدها تتعرق وجسدها يتهاوى في تثاقل ليلحق بها هاتفا في ذعر: - ماذا يحدث!؟، هل انتِ مريضة!؟.
جلست القرفصاء على أرضية المصعد تشعر بالاختناق هامسة: - انا أعاني من رهاب الأماكن المغلقة..
جلس جوارها وهتف محاولا تهدئتها في نبرة متلجلجة الأحرف: - رهاب!؟، نعم، حسنا، ستكونين بخير..

تذكرانه قرا يوما ان للتعامل مع مريض رهاب الأماكن المغلقة عليه إلهائه عن ما يسبب له الذعر بكل طريقة ممكنة فهتف في محاولة لإلهائها: - ماذا علىّ ان افعل لأجلكِ..!؟.
نظرت اليه ساخرة هامسة بصوت متحشرج: - ان تخرجني من هنا..
هتف وقد شعر بحمق سؤاله: - اقصد ماذا تحبين ان..
هتفت تقاطعه: - احب الغناء..
هتف مذعورا: - الغناء، انا لا..
اكدت شاعرة بالاعياء: - ارجوك، غني لي، انا بالفعل اشعر بالذعر، انا..

قاطعها متطلعا اليها ليشعر بذعر مماثل بسبب حالتها التي شعر بتدهورها: - حسنا، سأغني..
تنحنح مجليا صوته وبدأ في الغناء صادحا بصوت حاول الا يجعله نشازا: - ماذا أهديكِ يا امي في الأعياد، ماذا..
هتفت نهى تقاطعه في صدمة: - امك!؟، الم تجد غير أغاني عيد الام لتغنيها لي في موقف كهذا!؟، اولا، هذا سوء تقدير فانا يتيمة الام، ثانيا، اين ذهبت الأغاني الرومانسية بحق السماء..!؟.

شعر بالحرج وهتف معتذرا: - عفوا، فانا لا استمع الا لتلك الأغنيات..
تطلعت اليه نهى في شك هاتفة في سخرية: - حسنا، فهمت، عقدة العودة للطفولة.!؟.

قهقه سامى لتتطلع اليه وقد زاد وجيب قلبها بشكل عجيب وهتف مؤكدا: - لا، بل لدي الطفولة نفسها، أبناء اختي يستعمرون البيت ويستولون على التلفاز طوال الوقت وممنوع منعا باتا ان ألمس ناقل القنوات وان اترك القناة المفضلة لديهم والتي تذيع طوال الوقت أغانيهم المفضلة حتى حفظتها عن ظهر قلب، بل اني أصبحت أرددها كالأبلة في بعض الأحيان..
انفجرت نهى مقهقهة هاتفة: - أطفال مستبدون..

هتف سامي مؤكدا في أريحية: - لكني أعشقهم، اعشق الأطفال بشكل عام..
تطلعت اليه نهى في سعادة هاتفة: - وانا أيضا اعشق الأطفال، ستكون أبا رائعا لأبنائك..
ابتسم سامي ولم يعقب بل نهض يرفع سماعة هاتف الطوارئ مرة أخرى هاتفا: - هل أحضرتم مهندسا يصلح العطل!؟.
هتف المسؤل على الطرف الاخر: - نعم، انه في الطريق سيدي، دقائق وسيكون هنا، اطمئن..

عاد سامي موضعه جوار نهى وما ان جلس حتى بدأت رجة جديدة جعلت نهى تصرخ في ذعر متشبثة بذراعه ترتجف هلعا مما قد يحدث تهمس لنفسها باضطراب متناسية وجوده جوارها: - انا لا اريد ان اموت الان يا آلهي، لا، فانا لازلت صغيرة، لم استمتع بحياتي بعد، اريد ان احب وان يعشقني احدهم انا اتزوج وانجب أطفالا، ان أجوب أقطار العالم مع من احب، وان اموت عجوز بصحبته ألفظ اخر أنفاسي بين ذراعيه..

كان سامي يستمع اليها وعلى وجهه ابتسامة يحاول مداراتها واحنى وجهه هامسا بالقرب من مسامعها وهى تخبئ وجهها بين ذراعيها اللذان تتشبثنان بذراعه: - امنيات رقيقة، أتمنى لك تحقيقها..
رفعت رأسها هاتفة فجأة: - حقا.!؟.
فإذا برأسها تصطدم بذقنه ليتأوه متألما وهو يضع كفه على فكه..
لتهتف هي في ذعر: - انا آسفة، لم اقصد صدقني..

اومأ برأسه متفهما لتستطرد في حزن: - انا اعرف نفسي، جالبة كوارث تسير على قدمين، من يصاحبني عليه ان..
هتف سامي مقاطعا إياها وابتسامة بشوش على شفتيه: - عليه ان يشعر بالامتنان لانه بصحبتكِ، فانتِ جالبة للفرحة والسعادة..
هتفت نهى في تيه مخدرة لتأثير كلماته: - حقا!؟، انت اول شخص يخبرني بذلك، فجالبة الكوارث كان لقبي بالمدرسة والذي صاحبني طوال سنوات الدراسة..

قهقه سامي مؤكدا: - كم انت محظوظة!؟، نلت لقبا واحدا فقط، انا بلا فخر كان لقبي الفتي عديم الاسنان في المرحلة الابتدائية فلقد تأخر ظهورأسناني الأمامية لفترة طويلة وكانت معاناة، وفي المرحلة الإعدادية حصلت على لقب جديد كان على ما أتذكر.

الفتي ذو العيون الأربعة، لأني كنت ارتدي منظارا طبيا ولازلت، اما في المرحلة الثانوية فكان لقبي الفتي ذو الندبة لأن لدي ندبة هاهنا بالقرب من حاجبي كانت اثرا لشجار مع احد الفتية الذي تطاول يومها على اختي..
قهقهت نهى بدورها هاتفة: - أشعر بتحسن الان بعد كل هذه الألقاب فعلى الأقل لم أنل الا لقب واحد، وكم هي محظوظة اختك بأخ مثلك!؟، فانا لم يكن بحياتي بعد وفاة والديا الا جدي وحياة..

رن جرس هاتف الطوارئ يخبرهما انه تم اصلاح العطل ليتحرك المصعد في التو يصعد حيث طابق مكتبها لتخرج معه تتطلع الى جمع الموظفين الذين كانوا بانتظارها للاطمئنان عليها وكانه جمع اخر، جمع رأته بعين خيالها ينتظرهما مصفقا وهى تتأبط ذراعه تدخل الى قاعة الافراح بصحبته تطل بالأبيض في فرحة غامرة..
.

كانت علاقتها به من بعد يوم فتح الوصية رسمية بحتة حتى انها لم تكن تراه على مواعيد الوجبات كالمعتاد بل اصبح يغيب كثيرا على غير عادته خارج المنزل..
أصبحت كثيرة الشرود تفكر في كل ما يحدث لها وكذا تقيم علاقتهما العجيبة تلك والتي هي دوما على حد سيف..
تنبهت نهى لما يحدث لابنة خالها فاقتربت منها في مودة هامسة: - حياة، هل انتِ على خلاف مع ادم!؟.

تطلعت اليها حياة ولم تجب لتستطرد نهى في لهجة آسفة: - انا لا اقصد التطفل صدقيني، لكن الأمور بينكما لم تعد على ما يرام..
همست حياة بلهجة تحمل هموم العالم متجسدة: - هناك الكثير الذي لا تعرفيه نهى، فالأمور جميعها لها اكثر من وجه، اقتربت نهى من حياة هامسة: - لما لا تطلعيني اذن على ذاك الوجه الغائب عني لعلني أكون الناصح الذي تحتاجين..!؟.

تنهدت حياة مستسلمة فقد ثقلت الأوجاع بالفعل وعليها إلقاء بعضها على اكتاف غيرها متخففة منها فهتفت: - حسنا، سأخبرك كل شيء، منذ اللحظة التي ودعتني فيها على رصيف الميناء حتى هذه اللحظة..
اخذت حياة تسرد كل حكايتها مع ادم منذ الدقيقة التي طالعته فيها لأول مرة حتى اخر حوار بينهما يوم اطلاعهم على الوصية لتتنهد نهى في صدمة هاتفة: - يا لها من قصة!؟.
وابتسمت مستطردة: - ويا له من رجل!.

نظرت حياة اليها في تحذير لتقهقه قبل ان تصمت لبرهة هاتفة في نبرة صادقة: - صدقيني حياة ادم هذا يحبك بصدق، لا يوجد رجلا بهذه الاخلاق، لقد حافظ عليك من نفسه وأنتما وحيدان على جزيرة، ويوم ان رغب فيكِ طلب الزواج منكِ، ورغم كل تلك الشكوك التي تثيرها حفيظتك نحوه والتي ربما لتجربتك الأليمة السابقة دورا كبيرا في الكثير منها، لكني اعتقد انه رجلا جيد بشكل عام، والأهم اني استشعر محبته لكِ..

تطلعت حياة الي نهى وقد لاق تحليلها هوى في نفسها وهمست متسائلة في حيرة: - برأيك، ماذا على ان افعل!؟، يبدو انه يريد حريته فهو دوما ما يساومني الطلاق..

هتفت نهى: - اعتقد من خلال حديثك انك من تستثير هذه النقطة، لم يطلب ابدا مالا لأجل طلاقكم، الم اخبرك ان تجربتك مع شهاب اثرت فيكِ كثيرا، ثم انك الان وبعد وصية جدي لا تملكين مالا واعتقد ان هذا سيظهر لك حقيقة رغبته في البقاء لأجلك ام كان باقيا من اجل ما تملكين..
هتفت حياة في حيرة: - اتعتقدين هذا!؟.
هتفت نهى في حماس: - طبعا، لابد من إعطائه فرصة، وانا اعتقد انها سيستغلها أروع استغلال..

قهقهت نهى لنظرات حياة العاتبة الا انها شاركتها القهقهات هاتفة: - انت على حق تماما، لكن ماذا علىّ انا افعل!؟.
هتفت نهى تحسها على النهوض في عجالة: - ماذا تفعلين!؟، الازلت تسألين..!؟، ستفعلين الكثير، انه زوجك يا فتااااة، هيا، فلابد لكما من بداية جديدة..

قهقهت حياة لجنون ابنة عمتها التي جذبتها من يدها دافعة إياها لحجرة نومها لتختار لها ثوبا رائعا فالليلة لابد وان تكون ليلة الحسم في علاقتهما الشائكة تلك، لابد وان تكون..

اضافة رد جديد اضافة موضوع جديد
الصفحة 3 من 5 < 1 2 3 4 5 >





الكلمات الدلالية
رواية ، السماء ، تشهد ، أيها ، الماجن ،












الساعة الآن 02:18 AM